الصحة والتعليم

فى اليوم العالمى للسكرى الجداوى يحذر،، طعامك فى انسولينك الجديد



بقلم: الدكتور عبدالعزيز الجداوي
خبير دولي في الغذاء والصناعات الغذائية واستشاري تصنيع الأغذية
الجمعة14/نوفمبر/2025م
في الرابع عشر من نوفمبر من كل عام، يتجدد الموعد مع اليوم العالمي لمرض السكري، وهو يوم لا يمثل مجرد احتفال، بل هو جرس إنذار ومناسبة للتذكير بأحد تحديات العصر الصحية الكبرى.
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 61/225 الذي أعلنت فيه يوم 14 نوفمبر من كل عام باعتباره اليوم العالمي لمرض السكري. ويأتي هذا الاعتراف ليؤكد على الحاجة العاجلة لمواصلة الجهود متعددة الأطراف لتشجيع وتحسين الصحة البشرية، ولإتاحة إمكانية الحصول على العلاج والتثقيف في مجال الرعاية الصحية. كما يشجع القرار الدول الأعضاء على وضع سياسات وطنية للوقاية من مرض السكري وعلاج المصابين به ورعايتهم، بما يتماشى مع سبل التنمية المستدامة في نظمها بمجال الرعاية الصحية. وبعد 100 عام من اكتشاف الأنسولين، لا يزال ملايين المصابين بداء السكري في جميع أنحاء العالم عاجزين عن الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها. إن مرضى السكري بحاجة إلى رعاية ودعم مستمرين لإدارة حالتهم الصحية وتجنب المضاعفات. وتتيح الذكرى المئوية لاكتشاف الأنسولين فرصة فريدة لإحداث تغيير ذي مغزى لأكثر من 460 مليون شخص يعانون مرض السكري.
إن داء السكري، الذي أصبح مرضاً مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بنمط الحياة الحديثة، يتطلب منا نظرة شاملة، لا تقتصر فقط على العلاجات الصيدلانية، بل تمتد لتشمل حجر الزاوية في الإدارة الناجحة للمرض: الغذاء.
*الغذاء: الأفضل والأسوأ لمريض السكري*
بصفتي خبيراً في الغذاء، أرى أن الغذاء هو الدواء الأول والأقوى. يجب على مريض السكري أن يتبنى نظاماً غذائياً يركز على الكربوهيدرات الصحية والألياف والدهون الجيدة والبروتينات الخالية من الدهون، مع إيلاء اهتمام خاص لـ مؤشر الجلايسيمي (Glycemic Index) للأطعمة.
الأغذية المناسبة (صديقة السكري):
* الألياف هي بطل القصة:
الخضروات غير النشوية (كالخضروات الورقية مثل السبانخ والجرجير، والبروكلي، والكوسا، والفلفل الملون)، والبقوليات (كالعدس والفول والحمص) التي تُبطئ امتصاص السكر.
* الحبوب الكاملة:
الشوفان، الكينوا، الخبز الأسمر أو خبز الحبة الكاملة بدلاً من المنتجات المكررة (كالخبز الأبيض والأرز الأبيض).
* الدهون الصحية:
زيت الزيتون، الأفوكادو، المكسرات النيئة (اللوز، الجوز)، وبذور الشيا والكتان، لاحتوائها على أحماض أوميغا 3 التي تفيد صحة القلب والأوعية.
* البروتينات الخالية من الدهون:
الأسماك الدهنية (السلمون والسردين)، والدجاج منزوع الجلد، والبيض، ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
* الأغذية الواجب تجنبها*
* السكريات المضافة والمكررة:
المشروبات الغازية، العصائر المعلبة (حتى لو كانت طبيعية لكنها خالية من الألياف)، والحلويات بأنواعها.
* الكربوهيدرات المكررة:
الخبز الأبيض، المعجنات، الأرز الأبيض.
* الدهون غير الصحية:
الأطعمة المقلية، والوجبات السريعة، والدهون المشبعة والمتحولة الموجودة في بعض الزيوت النباتية المهدرجة.
حكمة الأجداد: إلهام من الطب القديم والنبوي
لا يمكننا تجاهل الوصفات الغذائية التي اعتمدتها الحضارات القديمة، فهي تحمل أدلة على الترابط الوثيق بين الغذاء والصحة.
أدلة من الطب النبوي والبديل:
* الطب النبوي (السنة النبوية):
* الحبة السوداء (الشونيز): ورد في الحديث النبوي أنها “شفاء من كل داء إلا السام” (الموت). وقد أثبتت الدراسات الحديثة دورها في خفض مستويات الجلوكوز في الدم وتحسين وظيفة خلايا بيتا في البنكرياس.
* القرفة: أشارت بعض الأبحاث إلى أن القرفة
قد تساعد في تحسين حساسية الأنسولين وتقليل مستويات السكر في الدم بعد الوجبات.
* الطب البديل والأعشاب:
* الحلبة:
تحتوي على ألياف ومكونات قد تساعد في تقليل امتصاص الجلوكوز.
* خل التفاح:
أثبتت بعض الدراسات قدرته على تحسين حساسية الأنسولين وخفض مستويات السكر في الدم، ويُنصح بتناوله مخففاً بملعقة طعام في كوب ماء.
* البصل والثوم:
ذكرهما الطب القديم كـ”صديقين” لمرضى السكري لقدرتهما على خفض السكر والكوليسترول.
*وصفات القدماء المصريين لمرضى السكر*
تشير بعض المخطوطات والبردِيّات إلى أن المصريين القدماء كانوا يعالجون ما يُعتقد أنه داء السكري باستخدام أنظمة غذائية وأعشاب معينة.
* التركيز على الألياف والمياه:
كان غذاؤهم يعتمد بشكل كبير على الحبوب الكاملة مثل الشعير والقمح الكامل، والخضروات، وربما لاحظوا دورها في تخفيف أعراض “التبول المفرط والعطش” (أعراض السكري).
* استخدام البقوليات:
كانت البقوليات جزءاً أساسياً من النظام الغذائي المصري القديم، وقد ثبت علمياً أن الألياف الموجودة فيها تساعد في تنظيم سكر الدم.
رسالتي الأخيرة: التعليم والرعاية الشاملة
إن مكافحة السكري ليست مسؤولية الطبيب وحده، بل هي شراكة بين المريض ومقدمي الرعاية. لا يمكننا الاكتفاء بأخذ الأنسولين أو الأدوية الفموية؛ بل يجب أن ننطلق نحو نظام رعاية شامل يدمج بين العلاج الحديث، والتوعية الغذائية المتعمقة، والنشاط البدني، وإعادة اكتشاف حكمة الأنماط الغذائية القديمة التي تدعم صحة الجسم.
في هذا اليوم العالمي للسكري، أدعو كل مريض إلى أن يصبح “خبير غذائه الشخصي”، وأن يعيد قراءة مكونات طبق طعامه ليجعله أول خط دفاع ضد مضاعفات هذا الداء.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى