الاقتصاد

تحويل المخاطر إلى مكاسب


كتب: كريم أحمد
تحويل المخاطر إلى مكاسب
يحكي أن رجلا أمريكيا إشتري أرضا بثمن زهيد جدا في جنوب أفريقيا في تسعينات القرن العشرين الماضي وكان فيها بيتا خشبيا متواضعا،، ولما أشتري هذا الرجل الأمريكي تلك الأرض بثمنها الزهيد جدا فرح فرحة غامرة إذ أنه ربح صفقة كبيره بمبلغ زهيد جدا ليس فيه أي تكاليف عاليه،،
غير أنه فوجيء بمخاطرة كبيرة جدا وهي أن هذه الأرض مليئة بثعابين المامبا السوداء الفتاكة وهذا الرجل الأمريكي لايحترف أبدا ترويض الثعابين أو قتلها فأصيب بنوبة من اليأس والإحباط المشوبة بالخوف الشديد من جراء هذا الخطر الكبير جدا الذي سيدفع فيه ثمن حياته إذا أستسلم لهذه الثعابين،،
فخطرت لهذا الرجل الأمريكي فكرة جيده وهي أن يستأجر أحد الزنوج المجاورين له ليصطاد له هذه الثعابين ويقتلها ويأخذ من هذه الثعابين السموم التي يستخرج منها الأدوية النافعة،، بحيث يبيع هذه السموم إلى شركات ومصانع الأدويه لتسخرج منها المواد الكيميائية الفعاله لصناعة الأدوية،،
ولما قام بتنفيذ هذه الفكرة أصبحت الأرض التي يسكن فيها هي أكبر مركز للسموم في العالم وتتعامل معها جميع شركات ومصانع الأدوية الكبري في العالم كون أن هذه الأرض تربة خصبة جدا لتكاثر ثعابين المامبا السوداء والتي تمتلك سما على أعلى درجة من الفتك ..
وكما هو ملاحظ جيدا قام هذا الرجل الأمريكي بإستخدام فكر الإقتصاد الرأسمالي الذي يقوم بتحويل المخاطر إلى مكاسب وأرباح ماليه إعتمادا على القاعدة الإقتصاديه (يفوز بلذة الأرباح كل مخاطر مغامر) ،،
وقام بما يشبه صنيع هذا الرجل الأمريكي رجلا أخر ولكنه كان رجلا عربيا يعيش في تسعينات القرن العشرين أيضا كان يبحث عن منزلا للسكني بأرخص الأسعار الموجودة بسوق مملكة آل سعود فعثر على بيت قديم في منطقة صحراوية بمدينة بريده السعودية وكان صاحبه يعرضه للبيع بثمن زهيد جدا فأشتراه هذا الرجل العربي ولكن لغرض السكني،، غير أنه كذلك تعرض لمخاطرة وجود أصوات فحيح ثعبان باليل وكان هذا الثعبان يعشعش بهذا البيت من خلف الجدران فلما أحس بالخوف أستأجر رجلا بدويا من صحراء الربع الخالي ليبحث له عن مكان الثعبان ويقتله وأعطاه مبلغ ثلاثة ألاف ريال وكان قد خلصه من ثعبان كوبرا كبير جدا يعشعش خلف الجدران يخرج من شق بالحائط ويدخل منه،،
ولأن غرض هذا الرجل العربي هو مجرد الحصول على منفعة السكني فقط فهو لم يفكر أصلا بتحويل خطر الثعبان الكوبرا هذا إلى منفعة إقتصاديه وإنما كان كل همه الحصول على الأمن والراحة في التخلص في الثعبان فتوجه فكره الإقتصادي نحو إستئجار رجل ليقتل له الثعبان ويعطيه أجرته دفعة واحده لمنفعة مؤقتة لمرة واحدة فقط وليست منفعة طويلة الأجل لمرات عديدة كما فعل الرجل الأمريكي الذي أراد أن يستغل مخاطر ثعابين المامبا السوداء كمنافع إستثمارية طويلة الأجل،،
وذلك لأن عقلية الرجل الأمريكي الرأسماليه أرادت أن تحول المخاطر إلى مكاسب ماليه وإقتصادية ،،
بينما عقلية الرجل العربي أرادت أن تتخلص من المخاطر تماما لكي تنعم بأمن منفعة السكني،،
وهكذا يتضح جيدا أن عقلية الرجل الأمريكي الرأسماليه دائما تستغل المخاطر والأزمات كفرصة إقتصادية جيده فدائما يحقق التفوق المالي الإقتصادي على غيره من الناس في هذا الكوكب الأرضي فيحصل على الإمتياز الأول والأخير في الهيمنة الإقتصادية على العالم فتكون له سلطة الأمر والنهي على جميع الإقتصادات الأخرى من حيث أنه الشخص الوحيد القادر على مواجهة المخاطر وإستغلالها كفرصة إقتصادية مربحة ،،
بينما عقلية الرجل العربي فهي ترفض تماما وجود المخاطر مهما كان نوعها ومهما كانت منافعها عملا بالقاعدة الفقهية درء المفاسد أولى من جلب المصالح وقاعدة لاضرر ولا ضرار وبالتالي تفضيل الحصول على المكاسب الماليه والإقتصاديه الحاليه فقط من حيث أنها مضمونة وفي المتناول،، لأن المكاسب الماليه والإقتصادية المستقبلية التي تأتي من عامل المخاطرة مكاسب إحتمالية نسبيه غير مؤكدة،، وأن ماهو حالي جاري راجح على ماهو إحتمالي مستقبلي حسما لمادة الضرر والمفسدة ..


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى