عربي وعالمي

ملحمة رع فى عصر الإحتلال


كتب د: عمر جابر
ملحمة رع في عصر الاحتلال
في ليلة مظلمة على الحدود المصرية-الإسرائيلية، حدث شيء غير متوقع يمكن أن يُطلق عليه عنوان “عاصفة من الماضي”. الوشق المصري، هذا الكائن البري الذي يحمل بين أنيابه وأظفاره قصصًا من الحضارات القديمة، قام بعمل يراه البعض معجزة، بينما يراه الآخرون رسالة من السماء.
القصة بدأت عندما شوهد الوشق وهو يتسلل إلى قاعدة عسكرية إسرائيلية على الحدود، وبدون إنذار مسبق بدأ في مهاجمة جنود الاحتلال الإسرائيلي بكل شراسة. وفي خضم الفوضى، بدا وكأنه يُعيد تمثيل ملحمة أسطورية عرفها المصريون القدماء منذ آلاف السنين.
يبدو أن الوشق، وكأنه مُرسل من الإله رع، جاء ليستعيد أمجاد الأساطير المصرية التي تحدثت عن الصراع الأزلي بين النور والظلام، بين الخير والشر. ففي الأساطير، كان الإله رع يحارب الثعبان الشرير أبيب، الذي يمثل الفوضى والتدمير. واليوم، يبدو أن الوشق المصري قد قرر أن يلعب دور رع في مواجهة من يمكن وصفهم بـ”الأعداء”.
الوشق المصري، أو كما يُطلق عليه البعض “أسد الصحراء الصغير”، ليس مجرد حيوان مفترس يتجول بحرية. إنه رمز للقوة والدهاء، وهو تجسيد حي للقيم التي عاشها المصريون القدماء. فالمصريون القدماء كانوا يؤمنون بأن الحيوانات ليست مجرد كائنات بل رسل من الآلهة، تحمل معها رسائل إلى البشر. ومع الحادثة الأخيرة، يبدو أن الوشق جاء برسالة واضحة: الحدود المصرية ليست مجرد خطوط جغرافية، بل هي أرواح تحميها قوة الطبيعة وعمق التاريخ.
وسائل الإعلام الإسرائيلية وصفت ما حدث بأنه “كارثة أمنية”، أما في مصر، فقد تحول الوشق المصري إلى بطل قومي. على منصات التواصل الاجتماعي، تبارى المستخدمون في نشر تعليقات تحت عناوين مثل “الوشق المصري ينتصر لرع”، و”حينما يثور التاريخ ضد الاحتلال”.
الجوانب الساخرة من هذه القصة لم تغب بالطبع. ففي إحدى التغريدات كتب مستخدم: “لو كنا نعرف أن الوشق قادر على القيام بهذه المهمة، لما احتجنا إلى معدات أمنية باهظة الثمن!” بينما تساءل آخر بجدية عن إمكانية تدريب وشوق أخرى لتولي مهام حماية الحدود.
ورغم الطابع الكوميدي للقصة، إلا أنها تعكس صورة أعمق عن علاقة المصريين بحيواناتهم وتاريخهم. فالوشق لم يكن مجرد مهاجم عشوائي، بل كان رمزًا للحكمة والقوة التي عاشتها مصر على مر العصور. وإذا كانت الحادثة قد أثارت جدلًا واسعًا، فإنها بلا شك ستظل محفورة في الذاكرة كرمز لصراع بين الماضي والحاضر، وبين الأسطورة والواقع.
وهكذا، يظل السؤال مفتوحًا: هل الوشق المصري مجرد بطل عابر، أم أنه بداية لملحمة جديدة من حراسة الحدود؟ الإجابة، ربما يحملها الزمن.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى