عربي وعالمي

:: ماذا يطرأ على أمزجتنا كبشر؟ ::


كتب/صلاح السعدي
تقول .د.أريج الجهني. البقاء للأروق
لعل من أوضح دوافع النفس البشرية للاستمرار في الحياة هو الرغبة في البقاء، وقد حاول الكثير من الناس ربط هذه الغريزة بالعديد من الدوافع والمحفزات كربط البقاء بالقوة أو الاستغناء، وهناك من يربطها بالمادة، لكن مؤخراً تداول الكثير من الناشرين مفهوماً استوقفني عندما سمعته من صديقتي أروى الخميس حينما قالت لي “البقاء للأروق” في حديث عابر عن ضغوطات الحياة. الحقيقة إن هذا الربط أجده ربطاً موفقاً، حيث أظن أنه بقدر ما تستكين النفس يستكين العالم والعكس بالغالب صحيح، نعم، الهدوء والروقان ليسا مجرد حالة شعورية عابرة، بل مهم أن يصبحا نمط حياة، ويوم بعد آخر تزداد قناعتي أن المزاج وضبط إيقاعه مرتبط بشدة باختياراتنا الفردية بالدرجة الأولى مع التسليم للأمور الطارئة والمفاجئة والتحولات الطفيفة.

في 2018 وجدت الباحثة ديمة العتيق وآخرون في دراسة بعنوان “تجربة الوصمة وتأثيرها على السعوديين المصابين باضطراب المزاج” أنه أفاد أكثر من 50 % من المشاركين السعوديين أنهم يحاولون إخفاء مرضهم العقلي عن الآخرين لتجنب المواقف التي قد تسبب لهم الشعور بالوصم، بالمقارنة مع السكان الكنديين، وعزت الدراسة إلى أن الاختلافات في النتائج بالغالب تعود للعوامل الثقافية ومشاركة الأسرة في رعاية المرضى التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على وصم الذات. ولعل أكثر ما يتعثر به الإنسان في حياته هو اضطراب المزاج، والمعروف أيضًا باسم اضطراب المزاج العاطفي، وهو مجموعة من الحالات التي تتميز باضطراب مزاج الشخص، بدءًا من الارتفاع (الهوس أو الهوس الخفيف) إلى الحالات المزاجية المكتئبة (الاكتئاب الشديد). وأجد أننا لم نعالج هذا المفهوم بالشكل العميق بعد وسبق أن طرحت كيف تقوم الأعمال الفنية بتزييف الوعي الاجتماعي وربط المزاج بالممنوعات والأمور الضارة أو ما يسمى اليوم بالدوبامين الرخيص.

اليوم ومع تصاعد نمط جودة الحياة نحن بحاجة ماسة لإعادة بناء علاقات إنسانية ذات جودة عالية، رغم أننا عرفنا كمجتمع متماسك من المهم أن ننتبه للثغرات والأنماط الجديدة الضارة التي تلوث صفو حياتنا، وتؤثر في المراهقين والصغار. بل قد تجد أن الكثير من الكبار يضلون طريقهم ولا أعلم إن كانت هناك بالفعل مجموعات بحثية ترصد هذه التحولات، التي لا أعتقد أنها سيئة، بل على العكس ستكون ممتازة إذا تعاملنا معها بشكل صحي وعملي.

أخيراً، فإن مقولة مزاجك أغلى ما تملك لم تأتِ من فراغ. جفف منابع الانزعاج المستمر، بادر بالتغيير ولا تخف من اتخاذ خطوات جريئة في الاستثمار والترفيه، ولا تبخل على نفسك وأحبتك بالوقت والحب، فلا تعلم من ينتظر بالفعل هذا الدعم، قد يكونوا أقرب الناس إليك، دمتم بشغف..


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى