الاقتصاد

كيف نشأ النظام الرأسمالى؟



كتب: كريم أحمد
كيف نشأ النظام الرأسمالي؟!
وهذا السؤال يحمل بعدا تاريخيا وإقتصاديا فإنه لايمكن أبدا أن نجيب من وجهة نظر إقتصاديه من غير أن ندعمها ببعض الأحداث التاريخيه،، وإليك عزيزي القاريء الجواب نحكيه لك بما أتفقت عليه كتب المؤرخين مع بعض التحليلات الإقتصاديه التي يمكن أن نستفيد منها ،،
نشأ النظام الرأسمالي في القارة الأوروبيه في فترة العصور الوسطى والتي تعرف عند المؤرخين بعصور الظلام وكان مصدر الإيرادات والدخل الذي يعتمد عليه هو صكوك الغفران الماليه التي تقدم لدي الرهبان والقساوسة وذلك ضمن النظام الديني المسيحي الأرثوذكسي والكاثوليكي بالإضافة إلى ماكانت تقتسمه الكنيسة الكاثوليكيه في الغرب مع الكونتات الإقطاعيين الذين يسيطرون على مستعمرات زراعية وحيوانية شاسعة وكذلك الكنيسه الأرثوذكسيه في الشرق الأوروبي،،
ولما جاءت ثورة مارتن لوثر مؤسس البروتستانتيه في النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي ثار على المباديء الإقتصاديه التي ينتهجها الكاثوليك والأرثوذكس وكان يرى أفضلية العمل التجاري والصناعي على العمل الزراعي لطبقة النبلاء الإقطاعيين الذين كانوا يحملون لقب الكونت كما وقد ثار على مبدأ صكوك الغفران ويحكي لنا وول ديورانت في قصة الحضارة أنه تبني المبدأ الإقتصادي لدي اليهود ولا سيما عائلة آل روتشيلد وهو مصاريف خدمة الدين على إقراض المدين والذي يسمى بسعر الفائدة على رأس المال،، وفي الوقت الذي كان يرفض فيه الكاثوليك والأرثوذكس سياسة سعر الفائدة على رأس المال ويرون أنها عملية غير أخلاقية،، إلا أن مارتن لوثر كان يرى نفس وجهة نظر اليهود التلموديين وهي أن سعر الفائدة هذا هو عائد تشغيل رأس المال المقترض والإتجار به كما ويستعمل أيضا كضمان مالي لسداد الدين الذي على المدين،، فضلا عن أن الدين يمثل إيرادا ماليا في الفكر اليهودي الذي كان سائدا بالقارة الأوروبية في ذلك الوقت،،
وكان ليهود آل روتشيلد اليد الماليه الطولي في تمويل الغزو البرتغالي على جنوب أفريقيا وجنوب الهند في سنة ١٥٢٠،، وكذلك تمويل حرب السبعين بالتكاليف اللازمه والتي كانت بين الإمبراطورية الألمانية وفرنسا في الفترة من ١٧٥٦ الي ١٧٦٣ فضلا عن تمويل الحملات الصليبية على الشرق الإسلامي،، وكانت الصناعات الأكثر إنتشارا في هذه المرحلة التاريخيه من النظام الرأسمالي هي الصناعات المنزليه وكانت أسواق التجارة التي يتم عن بيعها هذه الصناعات هو أنه كان يتم تداولها بين منازل العائلات بعضهم البعض،،
ولما جاءت الثورة الصناعية لسنة ١٦٤٨ وأكتشف فيها الطاقة البخاريه لتحريك الألات على يد البريطاني جيمس وات إتسمت الصناعات بخاصية الألية والميكنه البخاريه عن طريق الفحم فضلا عن إكتشاف الكهرباء على يد العالم الإيطالي فولتا في القرن الثامن عشر والتي كان يتم توليدها عن طريق غمس عمودي الحديد والنحاس في مصهور مركب الفضه والخارصين لتشغيل الألات ولما كانت هذه الطريقه تؤدي إلى وجود عيوب فنيه تؤدي إلى تراكم أيونات الخارصين على القطب النحاسي فيتعرض للتأكل والصدأ تم إستبدال النحاس بعمود من النيكل بحيث لا يمكنه أن يتأكل من أيونات الخارصين،،
وكانت تتميز هذه المرحلة التاريخيه من النظام الإقتصادي الرأسمالي بسياسة (كل ماينتج يباع) الي أن حدث الكساد الكبير في سنة ١٩٢٩ حيث أصبحت المنتجات مكدسه بالمخازن ولا يوجد أي قنوات أو أسواق لبيعها ولا يوجد من يشتريها ،، وكانت الأسواق التي يتم عن طريقها بيع الألات والماكينات التي كان ينتجها الأوروبيون هي أسواق الأمريكتين الشماليه والجنوبيه وأستراليا نتيجة حركة الكشوف الجغرافيه،،
وبعد سنة ١٩٢٩ سلك هذا النظام الرأسمالي سياسة إقتصاديه جديده وهي البيع بحسب ما يحتاجه ويطلبه السوق وذلك من خلال دراسة النقص الموجود في السوق في قطاع إستهلاكي معين فيتم إنتاج السلع بالقدر الذي يحتاجه المستهلك وقد تم صياغة هذه السياسة بقاعدة (المستهلك هو سيد السوق) وهي السياسة التي سلكتها كلا من بريطانيا وفرنسا بوصفهما الدول المهيمنه على السياسات الدولية وكانت أمريكا والقارة الأوروبية يدوران معهما حيثما دارا ،،
وبعد إنتهاء الحرب العالميه الثانيه سنة ١٩٤٥ خرجت أمريكا هي المنتصر الوحيد من غير أن تشارك بأي قتال مسلح مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا سوي أنها قامت بإنفاق القليل من الميزانية على عمل قنبلتين ذريتين ألقتهما على هيروشيما ونجازاكي في اليابان فخرجت رابحة عسكريا وإقتصاديا وأنطلقت دفة الهيمنة الرأسمالية إلى أمريكا،،
وفي سنة ٢٠٠٨ مر الإقتصاد الرأسمالي في ظل القيادة الأمريكيه بأزمة الرهن العقاري والديون العقارية حيث أن المباني الموجوده في أمريكا الشماليه هي أصلا ملكا لبريطانيا صاحبة الكشف الجغرافي عن أمريكا الشمالية حيث أنها تقوم بتأجير هذه المباني لدي الجنسيات غير البريطانيه المهاجرة إلى أمريكا فلما قام جيمس مونرو في القرن الثامن عشر بإعلان عدم تدخل بريطانبا في شئون أمريكا وأنها مستقلة بإدارة شئونها فقد غفلت الحكومة الأمريكيه لجيمس مونرو عن أن بريطانيا لها حق ملكية في المباني التي قامت ببنائها على الأرض الأمريكيه،،
وفي شهر مايو من العام الجاري لسنة ٢٠٢٥ فإن الإقتصاد الأمريكي يوجد به ٢٣٠ ألف و٥٠٠ طلب إعانة بطاله وفقا لتقرير العربية الإقتصادي،، ويبلغ عدد العاطلين من الشعب الأمريكي مليون و ٨٨٨ ألف عاطل،، نتيجة فقدان الملايين من الوظائف بعد جائحة كورونا منذ خمس سنوات ..
وهذا بلاشك يشير إلى أن النظام الإقتصادي الرأسمالي من السهل جدا أن يتعرض لهزات إقتصاديه عنيفة وهو في الوقت الحالي وصل إلى مرحلة نهاية التاريخ والتي تكون فيها السياسة الإقتصاديه تستند إلى عدة تراتيب وقواعد هي الأتي ،،،
١-مساعدة الدول الفقيرة والنامية عن طريق قروض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهي المؤسسات التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانيه سنة ١٩٤٥..
٢-أن يكون الإنتاج على قدر حاجة السوق فقط..
٣- منح إعانات بطالة للعاطلين بالقدر الذي يسد الحاجات الضرورية فقط ..
٤-تعميم السياسة الليبرالية التي ترفض الحروب الهجومية حتى لايتعرض إقتصاد البلاد للإنهيار ..
ولكي تستطيع الدول النامية والفقيره أن تنعتق من ربقة هذا النظام العالمي الرأسمالي فإنه يجب أن تقوم بتشجيع الإستثمارات المحلية التي تعتمد على الحفر والتنقيب عن الثروات وكذا إستغلالها في الصناعات المختلفه ضمن نطاق هذه الإستثمارات ،، وكذلك تشجيع الدولة على الصناعات المنزلية من خلال مشاريع الأسر المنتجه وأن تولي الدولة أهمية لها ضمن نفقات الميزانية العامة للدولة..


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى