فن وثقافة

جيل الذكريات الذهبية.. حين كان الصباح يبدأ بصوت الكروان


كتبت د: مؤمنه محمد طعيمه
جيل الذكريات الذهبية.. حين كان الصباح يبدأ بصوت الكروان
نحن جيلٌ خاص… جيلٌ لا يتكرر.
جيلٌ كانت بدايات صباحه تُطرّز بصوت أم كلثوم وهي تقول:
“يا صباح الخير يا اللي معانا.. الكروان غنى وصحانا”،
أو بصوت محمد قنديل ينشد:
“يا حلو صبح.. يا حلو طل.. يا حلو صبح نهارنا فل”
فننهض على نغمة الدفء، قبل أن تداهمنا صخب الحياة.
جيلٌ كانت رائحة الكتب هي أول عطر في اليوم،
ونحن نمسك بشنطة المدرسة وننطلق على أصوات الراديو في الشارع والعربية، نستمع لبرنامج “صاحبتك السلامة” وتتره الحنون:
“بالسلامة يا حبيبي بالسلامة” من تقديم الرائعة آيات الحمصاني.
ونعرف أننا تأخرنا على طابور المدرسة عندما نسمع صوت فؤاد المهندس في برنامجه الخالد “كلمتين وبس”.
كنا لا نعرف التكنولوجيا، لكننا عرفنا معنى الانتظار الجميل.
كنا ننتظر بفارغ الصبر سينما الأطفال يوم الجمعة،
وننتظر “جولة الكاميرا” مع هند أبو السعود يوم الأحد،
وننتظر أن يجتمع البيت كله لنشاهد معًا “العلم والإيمان” مع الدكتور مصطفى محمود، ذلك البرنامج الذي علمنا أن الكون أكبر من غرفتنا، وأعمق من أعمارنا.
نحن جيلٌ تأثر بـ”بقلظ” وهو يزعل من “ماما نجوى”،
جيلٌ تعلم من العتاب براءة لا يعرفها اليوم،
جيلٌ كان يصدق كل كلمة، ويخاف أن يزعج شخصية كارتونية لأنه كان يملك قلبًا حقيقيًا.
نحن جيل “بم بم” ومسابقاتها، جيل “فوازير رمضان” وألف ليلة وليلة،
جيل المخرج العبقري فهمي عبد الحميد الذي جعل رمضان له طعمًا لا يُنسى.
جيل تربى على الذوق، والاحترام، وانتظار اللحظة،
جيل إذا وعد أوفى، وإذا ضحك أضاء الدنيا، وإذا حزن صمت دون شكوى.
يا لروعة ذلك الزمن…
زمن “الونس الحقيقي” قبل أن تسرقه الشاشات،
زمن “الكلمة الطيبة” التي كانت تمر من القلب إلى القلب،
زمنٌ كنا نعيش فيه أقل لكن نملك أكثر… نملك حبًا خالصًا، وعلاقات دافئة، ونفوسًا لم تلوثها السرعة ولا الطمع.
فليت الزمان يعود يومًا، لا لنعيش الماضي،
بل لنوقظ فينا ذلك الطفل الجميل…
الذي لا يزال بداخلنا، ينتظر أن نصغي لصوت الكروان من جديد.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى