دين ومجتمع

جيلٌ يبتعد عن القيم عندما يغيب الوعي الأسري والديني في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتغير فيه المفاهيم،



✍️رشا خضير
جيلٌ يبتعد عن القيم عندما يغيب الوعي الأسري والديني
في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتغير فيه المفاهيم، أصبحت الأخلاق والقيم الدينية لدى كثيرٍ من أطفال المدارس في تراجعٍ واضح يثير القلق والدهشة. مشاهد يومية نراها في المدارس والشوارع، توحي بأن جيل اليوم بات يفتقد لما كان يميز أجيال الأمس من أدبٍ واحترامٍ وتربيةٍ راسخةٍ على مبادئ الدين والخلق القويم.
تراجع القيم في زمن التكنولوجيا
تشير دراسات تربوية حديثة إلى أن أكثر من 60% من الأطفال في المراحل الابتدائية والإعدادية يقضون أوقاتهم أمام الشاشات بمعدل يزيد عن 5 ساعات يوميًا، مقابل أقل من 30 دقيقة للتفاعل مع الأسرة. هذا الانفصال الأسري فتح الباب أمام وسائل التواصل الاجتماعي لتصبح “القدوة” الجديدة، بدلاً من الأب أو الأم أو المعلم.
الإعلام، القدوة الخفية
لم يعد الإعلام مجرد وسيلة للترفيه، بل أصبح مؤثرًا مباشرًا في تشكيل شخصية الطفل. فالكثير من البرامج والمحتويات على المنصات المختلفة تُقدّم نماذج خالية من القيم، بل وتطبع سلوكياتٍ سلبيةٍ في عقول الصغار دون وعي.
يقول أحد الباحثين في علم الاجتماع، حين يعتاد الطفل على رؤية العنف أو السخرية أو قلة الاحترام في المحتوى الذي يتابعه، يصبح ذلك السلوك طبيعيًا في نظره.
المدرسة بين التعليم والتربية
رغم الجهود التي تبذلها بعض المدارس لغرس القيم، إلا أن التركيز على التحصيل الدراسي وحده جعل التربية الأخلاقية في المرتبة الثانية. يقول أحد المعلمين:
لم تعد المدرسة تربي كما كانت، فبعض أولياء الأمور يريدون فقط أن يحصل ابنهم على أعلى الدرجات، دون أن يسألوا كيف يتعامل أو كيف يتحدث.”
دور الأسرة الغائب
البيت هو المدرسة الأولى، لكنه أصبح اليوم في كثيرٍ من الأحيان غائبًا عن دوره الأساسي. ينشغل الأبوان في العمل والضغوط، بينما يُترك الأبناء للشاشات والرفاق، فيتعلمون ما لا ينبغي أن يُتعلم.
يقول أحد علماء الاجتماع،،
حين يتخلى الأب والأم عن غرس القيم، سيقوم العالم الافتراضي بغرس ما يريد هو، لا ما نريد نحن.
رأي الأخصائي النفسي،،
يؤكد د. أحمد خالد، الأخصائي النفسي التربوي، أن انشغال الأهل المفرط وغياب الحوار الأسري يؤديان إلى فراغ عاطفي لدى الأطفال يدفعهم للبحث عن الاهتمام في أماكن أخرى، وغالبًا تكون بيئات غير آمنة.
ويضيف:
التربية الأخلاقية والدينية لا تبدأ في المدرسة، بل تبدأ من لحظة احتضان الطفل في بيته، حين يتعلم بالحب والقدوة لا بالأوامر.
القيم الدينية درع المجتمع،،
إنّ العودة إلى تعليم القيم الدينية ليست ترفًا، بل ضرورة لبناء مجتمع سليم. فالدين الإسلامي الحنيف لم يأتِ إلا ليتمم مكارم الأخلاق. قال رسول الله ﷺ،،،
إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
وغرس تلك المعاني في نفوس الأطفال لا يكون بالمواعظ فقط، بل بالقدوة والسلوك اليومي داخل البيت والمدرسة والمجتمع.
نصائح لإعادة بناء جيلٍ خلوق،،،
1. تخصيص وقتٍ يومي للحوار مع الأبناء حول القيم والسلوكيات.
2. متابعة ما يشاهده الأطفال على الإنترنت وتوجيههم بلُطف.
3. تشجيع المدارس على إدخال برامج “التربيةالقيمية والدينية”بشكلٍ عملي.
4. القدوة الحسنة في الأهل والمعلمين قبل التوجيه الكلامي.
5. ترسيخ فكرة أن الأخلاق جزء من التفوق، وليست عائقًا أمامه.
ختامًا،
إن ما يحتاجه أطفال اليوم ليس مزيدًا من الدروس الخصوصية، بل دروسًا في الإنسانية والاحترام والدين. فحين نُعيد للقيم مكانتها، سنعيد للأجيال بوصلة الطريق الصحيح، ونصنع مستقبلًا يليق بأمتنا.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى