المرأة التي تحترق ، ولم تنطفئ

بقلم د/مؤمنه محمد طعيمه
المرأة التي تحترق ، ولم تنطفئ
في لحظة ما، بعد سيلٍ من الوجع، تتحول المرأة الودودة، الصادقة، الحساسة… إلى تمثال من هدوءٍ ظاهري.
من الخارج، تبدو ثابتة، صامدة، رزينة، لا يعلو صوتها ولا تفضحها دمعة.
لكن من الداخل؟ هناك بركان لم يخمد، نار تشتعل بصمت، تبتلع كل ما فيها من ألم، حتى لا يراها أحد ضعيفة.
المرأة لا تتحول فجأة، بل بالتدريج،
تبدأ بالحزن، ثم بالصبر، ثم بالسكوت، ثم بالاستغناء.
تتعلم كيف تبتسم وهي موجوعة، وكيف تقول “ماشي” وهي مكسورة، وكيف تمارس يومها وكأن شيئًا لم يحدث، بينما داخلها صرخة لم يسمعها أحد.
لكن هذا الصمت ليس ضعفًا
بل مرحلة من العلاج.
هي تتعلم من خلاله كيف تحمي نفسها من الانكسار مرة أخرى.
فبدلًا من أن تشرح وتبرر وتبكي، أصبحت تختار الهدوء طريقًا.
تعلمت أن لا تنتظر من أحد أن يفهمها، ولا أن يواسيها، لأنها اكتشفت أن النجاة لا تأتي إلا من داخلها هي.
ومع الوقت، يتحول الوجع إلى حكمة، والكسرة إلى قوة، والدموع إلى نورٍ داخلي.
تبدأ تتوازن بين مشاعرها وعقلها، وتعرف كيف تضع حدودها، وكيف تقول “لا” من غير خوف، و”كفاية” من غير ذنب.
رسالة لكل امرأة موجوعة:
لا تظني أن هدوءك الأخير موت أو جمود
هو بداية نضجك النفسي والعاطفي.
فكل وجعٍ عميق يُنبت داخلك وعيًا جديدًا، وكل خذلانٍ يُعيد ترتيبك من جديد.
اسمحي لنفسك بالسكوت، بالراحة، بالابتعاد… لكن لا تسمحي لبركانك أن يحرقك من الداخل.
اكتبي، صلي، تأملي، اخرجي للطبيعة، تنفسي بعمق، واهتمي بنفسك كما لم تفعلي من قبل.
فالله يرى، والله يعلم، والله وحده القادر أن يحوّل النار التي في داخلك إلى نور يضيء حياتك من جديد.



