دين ومجتمع
السر فى كيمياء الأعصاب ..

**محمد حسان**
أنت لا تشعر بالفانلة على جسمك إلا فى اللحظة التى تلبسها و فى اللحظة التى تخلعها أما فى الساعات الطويلة بين اللحظتين و هى على جسمك فأنت لا تحس بها .
أنت لا تشعر بالفانلة على جسمك إلا فى اللحظة التى تلبسها و فى اللحظة التى تخلعها أما فى الساعات الطويلة بين اللحظتين و هى على جسمك فأنت لا تحس بها .
إنها على جسمك تلامس جلدك و تلتف حول صدرك و ظهرك و ذراعيك و لكنك لا تحس بها و لا تشعر بوجودها .
و المرأة بالمثل تحس بها و أنت تشرع فى الزواج منها فى فترة التعارف و الخطوبة و كتب الكتاب و شهر العسل فإذا لبستها تماما كالفانلة و أحاطت بصدرك و ذراعيك فقدت الشعور بوجودها و أصبحت مثل قطعة أثاث فى البيت تدخل كل يوم لتجدها فى مكانها مثل المنظر تطل عليه من نافذتك يثيرك للمرة الأولى ثم يصبح عاديا ثم تنساه تماما .
و تظل المرأة منسية كالفانلة حتى تأتى اللحظة التى يدب فيها الخلاف بينك و بينها و يتأرجح الزواج على هاوية الطلاق و تبدأ فى خلعها كما تخلع فانلتك و فى تلك اللحظة تعود للشعور بها بعنف و ترتجف من خشية فراقها .
إن الزواج الذى يسمونه الزواج السعيد ، الزواج الذى يدوم فيه الود و تنتظم فيه العلاقة بين الزوجين فى سياق رتيب هادىء يفتر فيه شعور كل واحد بالآخر و ينطفىء الوهج من قلب الاثنين .
*ما السر ؟ *
إن أعصابنا مصنوعه بطريقة خاصة تحس بلحظات الانتقال و لا تحس بالاستمرار ,
حينما تفتح الشباك فجأة تسمع دوشة الشارع تملاء أذنيك
ثم تخف الدوشة شيئا فشيئا حينما يستمر صخبها فى أذنك
و حينما تركب الأسانسير تشعر به فى لحظة تحركه و فى لحظة توقفه أما فى الدقيقة الطويلة بين اللحظتين فأنت لا تشعر به لأن حركته تكون مستمرة ,
و حينما تنظر للشمس لأول مرة تغشى عينيك و لكنك حينما تتعود عليها تبحلق فيها دون أن تتأثر
و حينما تعيش متمتعا بصحة مستمرة لا تحس بهذه الصحة و لا تتذكرها إلا حينما تمرض.
و حينما تدخل السجن تفقد وزنك فى الشهور الأولى ، لأنك تحس بالفارق بين هواء الحرية و هواء الزنزانة , ثم تتعود على الزنزانة فتفقد إحساسك بضيقها و تبدأ تأكل بشهية و تسمن .
إن الدوام قاتل الشعور لأن أعصابنا عاجزة بطبيعتها عن الاحساس بالمنبهات التى تدوم .
نحن مصنعون من الفناء و لا ندرك الأشياء إلا فى لحظة فنائها .
نشعر بثروتنا حينما تفر من يدنا ،
و نشعر بصحتنا حينما نخسرها ،
و نشعر بحبنا حينما نفقده ..
فإذا دام شىء فى يدنا فإننا نفقد الاحساس به.