مقالات وآراء

مقتطفات نفسية مع منى”تطوير العادات وأثره على التوازن النفسى”


بقلم د. منى صلاح غريب
تطوير العادات واثره على التوازن النفسي ،،
بداية ماالمقصود بالتوازن النفسي هو حالة من الاستقرار الداخلي والانسجام بين الجوانب العاطفية والعقلية والاجتماعية تساعد الشخص في التعامل مع مختلف مواقف الحياة بمرونة وهدوء بمعنى قدرة الفرد على التحكم بمشاعره وأفكاره وسلوكه بشكل يضمن تلبية احتياجاته النفسية دون الوقوع في الإفراط أو التفريط إذ يسهم التوازن النفسي في جعل الشخص قادرا على مواجهة التحديات وضغوط الحياة اليومية بشكل صحي والحفاظ على علاقة إيجابية مع الذات ومع الآخرين.
لتحقيق حياة سعيدة وصحية من خلال تطوير العادات يعتبر عنصر أساسي للتوازن النفسي و ليس مجرد نشاط يومي روتيني بل هو استثمار طويل الأمد في صحتنا النفسية والعاطفية
فالعادات اليومية الإيجابية والاعتناء بالصحة النفسية والوعي بها ومعرفة الاحتياجات وتلبيتها والقدرة على وضع الحدود في العلاقات المختلفة يمكن أن تضع الفرد في حالة من التوازن النفسي و تجعله أكثر ثقة وقدرة على التعامل مع تحديات الحياة بمرونة وهدوء
وذلك من خلال التركيز على بناء عادات تدعم سعادته ورفاهيته ويمكنه الحصول على توازن داخلي ينعكس إيجابا على جوانب حياته الأخرى سواء في الاسرة او العمل أو العلاقات أو الاهتمامات الشخصية
** ونستعرض بعض العناصر التي تساعد في الوصول الى التوازن النفسي
١. الاعتناء بالذات والوعي بها يعد الاعتناء بالذات أساسا لتحقيق التوازن النفسي فلا يمكن أن نشعر بالراحة الداخلية إذا كنا نتجاهل احتياجاتنا الجسدية والعاطفية ويبدأ الاعتناء بالذات من خلال تخصيص وقت للراحة والنوم والتغذية الصحية و وممارسة الرياضة بانتظام كما يشمل تخصيص أوقات للاسترخاء والترفيه الانغماس في أنشطة تبعث على السعادة والراحة مثل الهوايات كالقراءة أو حتى ممارسة التأمل.
إضافة إلى ذلك فإن الاعتناء بالذات العاطفي يعني الاعتراف بمشاعرنا سواء كانت إيجابية أو سلبية والسعي لفهمها بدلاً من إنكارها أو تجنبها حيث يمكن لممارسات مثل كتابة اليوميات أو التحدث مع شخص مقرب أن تكون أدوات فعّالة لتعزيز الاعتناء بالذات.
٢. معرفة الاحتياجات الشخصية وعي يسهم في الاتزان الداخلي
فغالبا ما ننسى أن نطرح على أنفسنا السؤال الأساسي “ما الذي أحتاجه حقًا؟” فقد يتجاهل كثيرون احتياجاتهم الحقيقية نتيجة الضغوط الاجتماعية أو رغبتهم في تلبية توقعات الآخرين ولكن معرفة الاحتياجات الشخصية تتطلب وقتًا للتأمل الذاتي والاستماع بصدق إلى رغباتنا وأولوياتنا ويمكن أن تكون هذه الاحتياجات عاطفية مثل الرغبة في الشعور بالأمان أو الحب أو عملية مثل الحاجة إلى وقت للراحة أو الابتعاد عن الروتين والاحتياجات لها صور متعدده الشخص فقط هو من يستطيع تحديدها بصدق ومعرفة الاحتياجات واستيعبها وتلبيتها تمكن من اتخاذ قرارات تدعم السعادة والراحهالنفسية، وتجعل الفرد أقل عرضة للتأثر بالضغوط الخارجية التي قد تؤثر على جودة الحياة بشكل عام والتوازن التفسي بشكل خاص
٣. القدرة على وضع الحدود
يعتبر وضع الحدود جانبًا أساسيًا للحفاظ على التوازن النفسي والحماية من الاستنزاف النفسي حيث يمكن أن يؤدي تجاوز الحدود إلى استنزاف للطاقة وانخفاض رضا الذات ويتطلب وضع الحدود القدرة على قول “لا” عند الشعور أن طلب ما يتجاوز القدرات أو يعطل الاحتياجات الخاصة كما لا بد ان يتضمن احترام حدود الآخرين وتوقع نفس المعاملة بالمقابل.
وضع الحدود ليس فقط حماية لأنفسنا بل هو أيضًا تعبير عن حب الذات فعندما تحدد حدودًا واضحة، ترسل رسالة بأنك قادر تعتني بنفسك وتقدرها وتستطيع تحقيق رفاهيتنها مما يتيح لك بناء علاقات صحية متوازنة
٤. العلاقات مع الاخرين تلعب دورا هاما في التوازن النفسي في العلاقات الزوجية التواصل الفعال تحدث بصراحة ووضوح مع الشريك وكن مستعدًا للاستماع وتفهم وجهة نظره هذا يقلل من سوء الفهم ويعزز الألفة.
والتسامح والتغاضي الأخطاء تحدث فالتسامح وعدم التركيز على السلبيات يعززان الحب والود.
وقضاء الوقت المشترك ان يكون في وقتًا ممتعًا معًا، سواء بممارسة أنشطة مشتركة أو الحديث وتبادل الأفكار والذكريات ، كذلك العلاقات الاسرية تدعم افراد العائله في لحظات الحاجة وتعزز الشعور بالانتماء والأمان والاحترام المتبادل واحترام الحدود والمساحة الشخصية لكل فرد وتقدير اختلافات الرأي يعزز جوًّا من الود والتفاهم و مشاركة الأنشطة العائلية كالوجبات والنزهات تساهم في تقوية الروابط الأسرية ، وايضا العلاقات الاجتماعيةكاختيار الأصدقاء بعناية من مهمه حيث يشتركون في نفس القيم والأهداف ويساعدوا على النمو الشخصي ويجب الحفاظ على الاتصال الحرص على التواصل الدائم والبقاء على تواصل مع الاصدقاء فلا يكون مقتصرًا على المناسبات وايضل التوازن بين العطاء والأخذ كما أنك تقدم الدعم فعليك ألا تخجل من طلبه مما يعزز العلاقة المتوازنة ، كذلك العلاقات في العمل حيث التوازن بين الحياة والعمل و تخصيص وقت كاف للحياة الشخصية خارج العمل ضروري للحفاظ على الصحة النفسية ، وكذلك التعامل بمرونة تقبل التحديات والاختلافات بين الاشخاص والضغوط كجزء من الحياة و تعلم كيفية إدارتها بطرق إيجابية كما يجب بناء علاقات عمل جيدة تقوم على الاحترام و الدعم المتبادل وتجنب الصراعات الشخصية حيث تصبح بيئة عمل مريحة.
** وهنا نستعرض اثر تطوير العادات على التوازن النفسي وكيفية تطويرها
العادات اليومية هي ممارسات صغيرة قد تبدو غير مهمة أحيانا لكنها تشكل أساس حياتنا وأسلوبنا في التعامل مع الأمور اليومية فعندما يتم اختيار وتطوير عادات إيجابية بوعي يمكن أن تكون هذه العادات ركيزة أساسية لتحقيق التوازن النفسي حيث يعتمد في جزء كبير منه على مدى تنظيمنا لأنفسنا والتزامنا بسلوكيات تدعم صحتنا النفسية والجسدية.
١. تعزيز الشعور بالاستقرار والأمان
العادات الإيجابية خاصة الروتينية منها تساهم في تحقيق الاستقرار النفسي وتبعث شعورا بالأمان لأنها توفر نوعا من السيطرة على الحياة اليومية فعندما نتبع روتينًا منتظما سواء كان بسيط كالنوم والاستيقاظ في نفس الوقت أو تنظيم الأنشطة اليومية يشعر العقل بالراحة بسبب قلة الحاجة لاتخاذ قرارات متكررة وهذا الاستقرار الناتج عن العادات يمنح العقل فرصة للتركيز على أمور أخرى ويقلل من مستوى التوتر الناتج عن الفوضى أو عدم التنظيم.
٢. تعزيز الانضباط الذاتي وزيادة الشعور بالإنجاز
العادات الجيدة تتطلب بعض الالتزام والانضباط ومع الممارسة يصبح هذا الالتزام أسهل ويصبح الانضباط عادة بحد ذاته مما يمنح شعور قوي بالتحكم والقدرة على مواجهة التحديات وبالتالي يزيد من الثقه بالنفس فعند الالتزام بممارسة الرياضة يوميا أو القراءة سنشعر بعد فترة بأننا قادرون على التقدم والتحسن فكريا وجسديا مما يعزز الشعور بالإنجاز والرضا عن الذات وترك أثر إيجابي على التوازن النفسي.
٣. تحسين جودة الحياة والصحة النفسية
هناك العديد من العادات التي يمكن أن تحسن الصحة النفسية مثل التأمل وتخصيص وقت للراحة ووقت للترفيه والتريض فالعادات الصحية التي تشمل التغذية السليمة النوم الجيد والنشاط البدني تساعد على تحسين مستوى الطاقة وتخفيف التوتر والقلق كما أن قضاء بعض الوقت في ممارسة هواية محببة أو التواصل مع الأصدقاء والعائلة يسهم في رفع مستوى السعادة والرضا عن الحياة.
٤. تحقيق الأهداف الشخصية والمهنية
العادات الإيجابية تساهم في وضع إطار يساعدنا على التقدم في تحقيق أهدافنا الشخصية والمهنية من خلال تطوير عادات يومية مثل التخطيط للأعمال وتحديد الأولويات والاهداف والتركيز على المهام المهمة والوصول الى تحقيق النجاح في مجالات عدة دون الشعور بالإرهاق اكتمال تلك الجوانب و النجاح في هذه يحسن التوازن النفسي ويمنح الثقة والاطمئنان ومؤشر بأنك نسير نحو مستقبل أفضل.
٥. دعم القدرة على التأقلم مع التحديات
تطوير العادات اليومية يشبه بناء رصيد من المهارات التي تدعم في التعامل مع ضغوط الحياة وعندما تمارس عادان تدعم التأقلم كالتأمل تحث على الاسترخاء اوتجنب الافكار السلبيه و التفكير الإيجابي يكتسب الفرد مرونة نفسية تمكنه من التعامل بشكل أفضل مع الضغوط والمواقف الصعبة وتساعد على تجنب التوتر الزائد وتعطيك القوة لمواجهة التحديات
-الاعتناء بالذات فمعرفة الاحتياجات والقدرة على وضع الحدود كما سبق ان تحدثنا ليست مجرد خطوات عابرة بل هي أسلوب حياة يساعد في تحقيق التوازن النفسي. من خلال تحقيقه نصبح أكثر قوة ومرونة في مواجهة تحديات الحياة.
واخيرا التوازن النفسي يحتاج إلى ممارسة مستمرة وتطوير العادات يعزز راحتنا الداخلية ويرفع من قدرتنا على التعامل مع الآخرين بشكل صحيح
والتوازن النفسي ليس مجرد غياب الضغوط أو المشاكل بل هو حالة من الاستقرار والراحة الداخلية التي تجعلنا قادرين على التعامل مع الضغوط وتحديات الحياة اليومية بفاعليه و مرونه وقوه نفسيه وعدم الاصابه بالهشاشة النفسية.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى