فن وثقافة

مسلسل لام شمسية دراما جريئة تعالج مشاكل مغفول عنها


كتبت د:مؤمنة طعيمه
في زمن باتت فيه القضايا المجتمعية الحساسة تُطرح على استحياء، جاء مسلسل “لام شمسية” ليكسر هذا الحاجز بشجاعة، مسلطًا الضوء على ظواهر خطيرة تهدد براءة الأطفال واستقرار الأسر، مثل التحرش بالأطفال والتنمر في المدارس. من خلال حبكة درامية متماسكة وأداء قوي من نجومه، استطاع العمل أن يفتح أبواب الحوار حول هذه القضايا، ويقدم دروسًا توعوية للمشاهدين.
أحداث المسلسل: رحلة البحث عن الحقيقة والعدالة
تدور القصة حول نيللي (أمينة خليل)، السيدة التي تجد نفسها في مواجهة أصعب معركة في حياتها عندما تكتشف تعرض ابن زوجها، يوسف، للتحرش من قبل صديق العائلة وسام (محمد شاهين). وبينما تحاول إنقاذ الطفل واستعادة حقه، تواجه عراقيل اجتماعية وضغوطًا نفسية، حيث تتداخل القيم المجتمعية مع الموروثات التي تدعو للصمت، مما يجعلها في صراع مستمر بين الواجب الأخلاقي والمخاوف الاجتماعية.
الإيجابيات: رسالة توعوية مؤثرة
معالجة جريئة لقضايا حساسة: لا يقتصر المسلسل على تقديم قصة درامية فحسب، بل يحمل رسالة قوية تهدف إلى رفع الوعي حول التحرش والتنمر وتأثيرهما المدمر على الأطفال، وهو ما يُعد خطوة جريئة في الدراما العربية.
أداء تمثيلي مبهر: تألقت أمينة خليل في دور الأم الحاضنة التي تواجه الصدمة والخذلان من المجتمع، بينما قدم أحمد صلاح السعدني أداءً قويًا في تجسيد شخصية الأب الممزق بين مسؤولياته وخوفه من الفضيحة.
سيناريو واقعي يعكس المجتمع: قدمت الكاتبة مريم نعوم سيناريو متماسكًا يجسد الصراعات النفسية والاجتماعية بواقعية، مما جعل المشاهد يعيش تفاصيل القصة وكأنها تحدث في بيته أو محيطه.
التصوير والإخراج: استخدم المخرج كريم الشناوي زوايا تصوير معبرة وإضاءة رمزية، مما ساهم في إيصال المشاعر بشكل أعمق، خاصة في المشاهد التي تكشف عن معاناة الضحية.
السلبيات: هل صدمة الحقيقة أحيانًا مؤذية؟
طرح جريء قد لا يناسب الجميع: رغم أهمية الموضوع، إلا أن بعض المشاهدين اعتبروا أن بعض المشاهد كانت قاسية وصادمة، خاصة للمشاهدين الحساسين أو الأسر التي تتابع مع أطفالها.
سرعة الأحداث أحيانًا: في بعض الحلقات، بدت الأحداث وكأنها تتسارع دون تمهيد كافٍ، مما قد يُشعر بعض المشاهدين بأن بعض التطورات جاءت غير مبررة دراميًا.
إثارة الجدل حول النهاية: انقسم الجمهور حول نهاية المسلسل، فبينما رأى البعض أنها كانت عادلة ومنصفة، اعتبر آخرون أنها كانت تحتاج إلى تفصيل أكثر لعرض مصير الشخصيات بشكل مرضٍ.
رسائل توعوية من المسلسل،،،
يُعتبر “لام شمسية” أكثر من مجرد دراما، فهو جرس إنذار للأهل والمجتمع حول ضرورة الانتباه إلى الأطفال وحمايتهم. ومن أهم الدروس التي يمكن استخلاصها:
التحرش جريمة لا يجب السكوت عنها: الصمت عن هذه الجرائم يسمح للجناة بالاستمرار، لذا من المهم تشجيع الأطفال على الحديث والإبلاغ دون خوف.
التنمر يدمر نفسية الأطفال: المسلسل يُظهر كيف أن البيئة المدرسية قد تكون مكانًا قاسيًا للأطفال إذا لم يتم التصدي للتنمر بصرامة.
دور الأهل أساسي في الحماية: لا يكفي الحب والاهتمام، بل يجب أن يكون الأهل واعين ومدركين لعلامات تعرض الطفل للأذى، وأن يوفروا بيئة آمنة ومفتوحة للحوار.
القانون وحده لا يكفي، بل يجب التوعية: رغم وجود القوانين، إلا أن التغيير الحقيقي يبدأ من الأسرة والمدرسة والإعلام، من خلال نشر الوعي ومناقشة هذه القضايا بشكل صريح.
ختامًا: دراما تترك أثرًا لا يُنسى
يُعد “لام شمسية” تجربة درامية فريدة، نجحت في فتح باب النقاش حول قضايا غالبًا ما يتم تجاهلها أو اعتبارها “تابوهات”. وبينما قد يثير المسلسل الجدل حول بعض مشاهده، لا يمكن إنكار دوره في التوعية والتثقيف، مما يجعله واحدًا من أهم الأعمال التي عُرضت في السنوات الأخيرة.
هل يكفي عمل درامي واحد لإحداث تغيير؟ ربما لا، لكن “لام شمسية” بالتأكيد قدّم خطوة أولى نحو كسر حاجز الصمت، وجعل المجتمع أكثر وعيًا بهذه القضايا الخطيرة.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى