سر “الخس المقدس” على موائد الفراعنة في “عيد الحب المصري”كيف صنع المصريون القدماء “أغذية الحب”

كتب د: عبدالعزيز الجداوى
سر “الخس المقدس” على موائد الفراعنة
في “عيد الحب المصري”كيف صنع المصريون القدماء “أغذية الحب”
بمناسبة “عيد الحب المصري”، الذي يوافق الرابع من شهر نوفمبر،يطيب لنا أن نسلط الضوء على النهج العلمي والغذائي الفريد الذي اتبعه الفراعنة، رواد الحضارة، لتعزيز أواصر الحب والسعادة والخصوبة بين الزوجين. لم تكن المائدة المصرية القديمة مجرد مصدر للغذاء، بل كانت صيدلية طبيعية ركزت على منح الحيوية والنشاط، وهي ركائز أساسية لاستمرار الحياة الزوجية المزدهرة.
الحب كفلسفة حياة
لقد جسد قدماء المصريين فهمًا عميقًا للارتباط بين الغذاء والروح، فجعلوا من طعامهم وسيلة لتعزيز الحب والخصوبة والسعادة الزوجية. لم يكن الأمر مجرد وصفات عشوائية، بل كان نهجًا غذائيًا متكاملًا يهدف إلى الحيوية وطول العمر، وهما مفتاح الاستمتاع بعلاقة زوجية صحية وسعيدة. في عيد الحب المصري، نتذكر كيف أن أسس الحب والسعادة تبدأ بصحة الجسد والعقل، وهو الدرس الذي ورثناه عن أجدادنا الفراعنة
لقد أدرك المصريون القدماء بعمق العلاقة الوثيقة بين التغذية السليمة والصحة الجسدية والنفسية، ما ينعكس بشكل مباشر على مستوى السعادة والرغبة، وهو ما يؤكده العلم الحديث اليوم.
*نباتات الخصوبة والنشاط: من المعبد إلى المائدة*
تُظهر النقوش والبرديات الطبية الأهمية التي أولاها قدماء المصريين لبعض الأطعمة لتعزيز الخصوبة والقدرة الحيوية، ومن أبرزها:
• الخس (نبات “مين”):
يُعد الخس من أهم النباتات التي ارتبطت بالإله “مين”، إله الخصوبة والتكاثر. لم يكن هذا الارتباط مجرد رمز، بل كان له أساس علمي أثبته الطب الحديث لاحقًا.
• الرؤية العلمية الحديثة: يحتوي الخس، خاصة النوع البلدي، على مواد دهنية وزيتية تشبه في تركيبها السائل المنوي، كما أنه مصدر جيد للفيتامينات والمعادن التي تدعم الصحة الإنجابية مثل فيتامين E، المعروف بـ “فيتامين الخصوبة”، والذي يعزز القدرة الإنجابية ويحسن تدفق الدم. كان المصريون يقدمون الخس كقرابين للإله مين ويتناولونه لزيادة الحيوية.
• البصل والثوم:
لم يقتصر دور البصل والثوم على كونهما منكهات للطعام، بل كانا على رأس قائمة الأغذية المقوية لدى أطباء الفراعنة. كان يتم توزيعهما بكميات كبيرة على العمال في بناء الأهرامات لمنحهم القوة والنشاط.
• الرؤية العلمية الحديثة: يحتوي البصل والثوم على مركبات الكبريت التي تساعد في تنشيط الدورة الدموية وتحسينها، وهو عامل حاسم لتعزيز الصحة العامة والقدرة الزوجية، كما أنهما يقويان القلب ويحافظان على الصحة.
**فاكهة وطاقة الحب: **
*هدايا الطبيعة الحلوة*
حرص الفراعنة على تقديم الفاكهة والعناصر الطبيعية الغنية بالطاقة والمحفزات، كجزء من الاحتفالات والولائم العائلية:
• التمر (البلح) والتين والعنب:
كانت هذه الفواكه تُستهلك طازجة ومجففة (كالزبيب والتمر والعجوة). لم تكن مجرد حلويات، بل كانت مصادر سريعة للطاقة والحيوية.
• الرؤية العلمية الحديثة: تعتبر هذه الفواكه مصادر غنية بـ السكريات الطبيعية التي تمد الجسم بالطاقة اللازمة للنشاط والحيوية، بالإضافة إلى المعادن والفيتامينات التي تدعم الجهاز العصبي والمزاج العام (السعادة). التين تحديدًا يُعتقد أنه يقوي الحيوية ويزيد الرغبة لاحتوائه على معادن مهمة.
• عسل النحل:
كان العسل غذاءً ودواءً، واستُخدم كمُحلٍ طبيعي وكعنصر أساسي في العديد من الوصفات الطبية.
• الرؤية العلمية الحديثة: يُعد العسل مصدرًا فوريًا للطاقة، ويحتوي على فيتامينات ومواد منشطة مثل فيتامين الخصوبة (E) وحمض الأسبارتيك، بالإضافة إلى الأحماض الأمينية التي تساعد على ضبط المزاج وتهدئة الأعصاب، مما يساهم في خلق جو من السعادة والسكينة بين الزوجين.
البروتين والبهارات:
أساس القوة والشهية
لم تغب الأطعمة البروتينية والمنكهات الطبيعية عن موائد الفراعنة، إذ كانت ضرورية لبناء الجسم ومنحه القوة:
• اللحوم والطيور والأسماك:
تناول المصريون لحوم الأبقار والضأن والماعز، والإوز والبط والأسماك النيلية. كانت موائد الأثرياء تزخر بهذه الأطعمة، ووجبات العمال كانت تشمل اللحوم أو الأسماك لمنحهم القوة.
• الرؤية العلمية الحديثة: البروتينات هي اللبنة الأساسية لإنتاج الهرمونات والإنزيمات، كما أن الأسماك غنية بـ اليود والفوسفور، وهي عناصر مهمة لتنشيط الرغبة والصحة الجنسية بشكل عام.
• التوابل والأعشاب:
استخدم الفراعنة اليانسون، الكمون، القرفة، الشمر، الحلبة، الزعتر، والخردل في التتبيل والوصفات.
• الرؤية العلمية الحديثة: العديد من هذه البهارات والأعشاب تحتوي على مضادات أكسدة ومركبات تساعد على تحسين الدورة الدموية ورفع درجة حرارة الجسم وزيادة الحيوية والطاقة، مما ينعكس إيجاباً على المشاعر والعواطف.



