دين ومجتمع

الفيل فى رمضان،، هل سقطت ضحية؟


كتب د: عمر أحمد جابر
الفيل في رمضان،،، هل سقطت ضحية؟
هل تخيلت يومًا أنك تجلس في المسجد النبوي، تنصت إلى الإمام مالك بن أنس – أحد أعظم علماء الإسلام – وهو يروي أحاديث نبوية شريفة؟ الجو هادئ، الروحانيات تملأ المكان، والطلاب حوله يستمعون بكل إيمان وتركيز. لكن فجأة.
جاء للمدينة فيل عظيم!
نعم، فيل كائن غريب لم يكن في حسابات أحد. لم يسبق لأهل المدينة رؤية شيء مثله. فما كان من الطلاب إلا أن تركوا الدرس، وتوجهوا نحو الفيل بحماس كبير. كلهم… إلا واحدًا فقط: يحيى بن يحيى الليثي
عندما سأل الإمام مالك: “لماذا لم تخرج معهم؟” أجابه يحيى بكل هدوء وثقة:
إنما قدمت المدينة لأرى مالكاً، لا لأرى الفيل.
لكن ماذا يعني هذا لنا اليوم؟
رمضان هو شهر الفرص الذهبية. إنه الشهر الذي يمكن فيه تحقيق التغيير الحقيقي في حياتك، سواء على المستوى الروحي أو الشخصي. لكن هناك “فيلة” تنتظرنا في كل زاوية لتشتتنا عن الهدف الأسمى.
تخيل هذه الصورة:
– القنوات الفضائية تبدأ بإعلاناتها الضخمة عن مسلسلات رمضانية طويلة ومليئة بالمغامرات والأحداث المشوقة.
– برامج المقالب تظهر بأفكار جديدة تُلهي الناس عن صلاتهم وأذكارهم.
– حتى السوشيال ميديا تتحول إلى ساحة للمنافسات والمحتوى الخفيف الذي يسرق وقتنا الثمين.
– الفنانه فلانه نشرت ايه والفنان فلان شرابه لونه ايه
هذه كلها “فيلة” مدربة خصيصًا لتستحوذ على انتباهنا، بينما نحن في أمس الحاجة إلى التركيز على العبادة والطاعات.
كيف تكون مختلفًا؟
في زمن الفوضى الرقمية والتشتيت المستمر، كيف يمكنك أن تكون مثل يحيى بن يحيى الليثي؟ إليك بعض الخطوات:
1. حدد هدفك: لماذا صمت؟ ولماذا تصلي؟ وماذا تريد أن تحقق في هذا الشهر؟ إذا لم تعرف الإجابة، فقد سقطت بالفعل في فخ الفيل.
2. ضع خطة: اجعل لكل يوم جدول أعمال روحي وعملي. صلاة، قراءة قرآن، دعاء، عمل خيري… كل دقيقة يجب أن تكون ذات قيمة.
3. قاوم التشتيت: ابتعد عن أي شيء قد يشتتك عن ذكر الله. إذا كنت تعلم أن شيئًا ما سيأخذ وقتك بلا فائدة، فابتعده منذ البداية.
4. استعن بالله : لا تنسَ أن النجاح في رمضان يحتاج إلى استعانة بالله . فهو القادر وحده على تسهيل الأمور لك.
السؤال الأهم: من ستكون؟
رمضان ليس مجرد موسم ديني، بل هو فرصة للتغيير الحقيقي. هل ستكون مثل أولئك الذين تركوا درس الإمام مالك ليروا الفيل، أم ستكون مثل يحيى بن يحيى الليثي الذي وضع هدفه نصب عينيه ولم يشترِ فكرة الغرائب؟
تذكر دائمًا:
– رمضان ليس مكانًا لمشاهدة الفيلة.
– رمضان هو طريقك لتحقيق طموحاتك الروحية والدنيوية.
فلا تدع “الفيل” يسرق منك الشهر الكريم. اجعل رمضان هذا العام نقطة تحول في حياتك، واستغل كل لحظة فيه لتحقيق الأفضل.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى